Contact us
Open notifications

إشعارات

  • لا يوجد إشعارات جديدة

     

]

تقرير الاقتصاد الدولي

الاقتصاد الدولي

11.09.2025

سجلت معدلات نمو الاقتصادات الكبرى أداءً أقوى من المتوقع خلال الفترة الأخيرة، في حين رفع صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي لعامي 2025 و2026. وبينما يبدو أن ذروة حالة عدم اليقين قد تراجعت، إلا أن ملف الرسوم الجمركية ما زال مفتوحاً وقد يبقى مصدر توتر في المرحلة المقبلة. في الولايات المتحدة، يواجه الاقتصاد ضغوطاً ناجمة عن ضعف سوق العمل وارتفاع التضخم، وذلك رغم بقاء النشاط الأساسي عند مستويات مقبولة نسبياً، فيما تتعرض استقلالية الاحتياطي الفيدرالي لهجوم غير مسبوق، الأمر الذي قد يتسبب بتداعيات واسعة على الاقتصاد العالمي. أما في منطقة اليورو، فقد ساهمت الاتفاقية التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في إعادة قدر من الاستقرار، غير أن توقعات النمو تبقى محدودة. وفي المملكة المتحدة، يفرض التشديد المالي المتوقع في ميزانية نوفمبر تحديات إضافية على آفاق الاقتصاد. وفي اليابان، زادت التطورات السياسية من حدة مواطن الضعف المالي، مع ارتفاع عائدات السندات طويلة الأجل لأعلى مستوياتها منذ عقود، بينما تستعد الصين لتحقيق المستوى المستهدف للنمو الذي حددته الحكومة عند نحو 5% هذا العام، بدعم من استمرار تهدئة الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.

الولايات المتحدة: ضعف سوق العمل وارتفاع التضخم … والهجوم غير المسبوق على الاحتياطي الفيدرالي يتصدر قائمة المخاطر

تواصل الرسوم الجمركية دفع معدل التضخم للارتفاع، إذ صعد مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، باستثناء السكن، إلى 2.7%، على أساس سنوي، حتى شهر أغسطس، مقابل 1.8% في أبريل. وفي ظل غياب صدمات جمركية إضافية، من المرجح أن يستغرق الأمر عدة أشهر أخرى قبل أن يتبين الأثر الكامل لهذه الرسوم. وشهد سوق العمل الأميركي ضعفاً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، إذ بلغ متوسط الوظائف المضافة شهرياً نحو 27 ألف وظيفة فقط خلال الفترة من مايو إلى أغسطس، بينما ارتفع معدل البطالة إلى 4.3%، والذي يعد أعلى المستويات المسجلة منذ أكتوبر 2021. ومن الممكن أن يبقى نمو التوظيف ضعيفاً حتى مع خفض أسعار الفائدة، باعتبار أن الضغوط تأتي من جانبي الطلب والعرض معاً. وتشير العقود الآجلة حالياً إلى خفض الفائدة بمعدل تراكمي يصل إلى نحو 150 نقطة أساس حتى نهاية عام 2026، لكن هذه التقديرات يكتنفها قدر كبير من عدم اليقين، وحتى في حال تحققها، فإن تراجع العائد على مختلف السندات الحكومية الأمريكية (باستثناء الأدوات قصيرة الأجل) يبقى غير مضمون. وعلى الصعيد التجاري، ساهمت الاتفاقيات المبرمة بين الولايات المتحدة وعدد من شركائها الرئيسيين في تقليص حالة عدم اليقين وتحسين المعنويات، إلا أن ملف الرسوم الجمركية ما زال مفتوحاً، مع عدم التوصل لاتفاقيات بين الولايات المتحدة وبعض أكبر شركائها التجاريين ووجود تعريفات قطاعية جديدة قيد الإعداد. وتزداد الصورة تعقيداً مع انتقال قانونية هذه الرسوم إلى يد المحكمة العليا الأميركية، إذ قد يعيد أي قرار بإلغائها إشعال حالة عدم اليقين مجدداً.

من جهة أخرى، بدأت آثار الهجوم غير المسبوق من جانب الإدارة الأمريكية على استقلالية الاحتياطي الفيدرالي بالظهور، مع ترجيح أن تزداد التحديات بعد انتهاء ولاية رئيس المجلس الحالي جيروم باول في مايو 2026. وعلى الرغم من أن الأسواق تتعامل مع هذا التهديد حتى الآن بهدوء نسبي، إلا أن الصورة قد تتغير جذرياً إذا تبين أن استقلال البنك المركزي قد أصبح موضع شك فعلي. وعلى صعيد أكثر إيجابية، فعلى الرغم من المستويات المرتفعة من عدم اليقين التي سادت معظم هذا العام، نجح النشاط الاقتصادي في الحفاظ على قدر من التماسك والمرونة، إذ نما مؤشر "المبيعات النهائية للمشترين المحليين من القطاع الخاص" بنسبة 1.9% على أساس سنوي خلال الربعين الأول والثاني من العام الحالي، وإن كان أقل من متوسط 3% المسجل في عام 2024. ومن المتوقع أن يبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، والذي شهد تذبذبات ربعية حادة ناتجة عن اضطرابات التجارة، نحو 2% في عام 2025، مقابل 3% تقريباً خلال عامي 2023 و2024.

 

 الجدول 1: العائد على السندات الحكومية لفترة 30 سنة
(%)
المصدر: LSEG 
 
 الرسم البياني 2: نسبة البطالة والتضخم في الولايات المتحدة
(%، على أساس سنوي للتضخم)
المصدر: Haver, LSEG

 

منطقة اليورو: الاتفاقية التجارية مع الولايات المتحدة تعيد قدراً من الاستقرار… والهامش المتاح لمزيد من التيسير النقدي يبقى محدوداً

واصل اقتصاد منطقة اليورو تجاوز التوقعات خلال العام الحالي رغم تباطؤ معدل النمو إلى 0.1% فقط، على أساس ربع سنوي، في الربع الثاني مقابل 0.6% في الربع الأول. وساهمت الصفقة التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، التي تفرض رسوماً بنسبة 15% على معظم الصادرات الأوروبية للسوق الأميركية، في تقليص حالة عدم اليقين وإعادة بعض الاستقرار إلى أكبر علاقة تجارية في العالم، في حين أن البنود الأخرى للاتفاقية (مثل التزام الاتحاد الأوروبي بشراء ما قيمته 750 مليار دولار من منتجات الطاقة الأميركية على مدى ثلاث سنوات، أو استثمار شركات الاتحاد الأوروبي 600 مليار دولار في الولايات المتحدة بحلول عام 2029) تبدو إما أهدافاً غير واقعية أو مجرد نوايا غير ملزمة. إلا أن بعض التحديات ما تزال تلقي بظلالها على العلاقة التجارية بين الجانبين، خاصة بعد تلويح الرئيس الأميركي ترامب بفتح تحقيق تجاري بموجب المادة 301 ضد الاتحاد الأوروبي، رداً على فرض الاتحاد غرامة بقيمة 3.5 مليار دولار على شركة "جوجل" لانتهاكات تتعلق بمكافحة الاحتكار. كما أن الخلافات حول ضريبة الخدمات الرقمية التي تفرضها عدة دول أوروبية على شركات التكنولوجيا الأميركية، والتي يعارضها ترامب بشدة، تزيد من هشاشة الوضع القائم وتبقي احتمالات تصاعد التوترات التجارية قائمة. وعلى صعيد منفصل، يعد قرار دول حلف شمال الأطلسي في يونيو بزيادة الإنفاق الدفاعي من 2% إلى 5% من الناتج بحلول عام 2035 خطوة تدعم النمو الاقتصادي في المنطقة. وفي المقابل، بعد أن أبقى البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه الأسبوع الماضي، تشير سوق العقود الآجلة إلى أنها ستبقى ثابتة أو قد يتم خفضها بحد أقصى 25 نقطة أساس حتى نهاية عام 2026. أما على الصعيد السياسي، فإن حالة الشلل في فرنسا، التي تعد ثاني أكبر اقتصاد التكتل، عقب انهيار الحكومة، تضيف مخاطر إضافية لآفاق النمو في منطقة اليورو.

المملكة المتحدة: استقرار معدلات النمو رغم التشديد المالي الحتمي والهامش المحدود أمام بنك إنجلترا لمواصلة التيسير النقدي

بعد الدعم من الصادرات لاستباق ارتفاع الرسوم الجمركية الأمريكية والتغييرات التي طرأت على ضريبة الدمغة العقارية في الربع الأول من العام الحالي، تباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني إلى 0.3%، على أساس ربع سنوي، مقابل 0.7% في الربع السابق، إلا أنه جاء أعلى من التوقعات. وتبقى الآفاق الاقتصادية ضعيفة بصفة عامة في ظل التشديد المالي المرتقب وتدهور أوضاع سوق العمل، إذ فقد الاقتصاد نحو 164 ألف وظيفة (0.5%) منذ يوليو 2024 نتيجة زيادة مساهمات أصحاب العمل في التأمين الوطني ورفع الحد الأدنى للأجور. وتواجه الحكومة ضغوطاً مالية متزايدة، تفاقمت مع التراجع عن خطط خفض بعض بنود الإنفاق الاجتماعي تحت وطأة المعارضة السياسية، إلى جانب تنامي المخاوف بشأن ارتفاع مستويات الاقتراض الحكومي، الأمر الذي أدى لارتفاع حاد في عائدات السندات الحكومية طويلة الأجل، إذ اقتربت عائدات السندات لأجل 30 عاماً من أعلى مستوياتها المسجلة منذ عام 1998، مما قلص الحيز المحدود المتاح أمام وزيرة المالية البريطانية لتحقيق التوازن بين الإنفاق والإيرادات بحلول 2029-2030. ومن المرجح أن تتضمن الموازنة المقبلة، والتي تأجل إعلانها إلى نوفمبر، رفع الضرائب مرة أخرى أو خفض النفقات. وعلى الرغم من أن هذا التشديد ضروري لضبط أوضاع المالية العامة، إلا أنه يهدد بتقويض النمو، مع توقعات بنك إنجلترا بتحسن طفيف في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى 1.2%-1.3% في عامي 2025-2026 مقارنة بـ 1.1% في عام 2024.

ومع ذلك، فإن بعض المؤشرات الإيجابية التي تدعو إلى التفاؤل بدأت في الظهور، إذ صعد مؤشر مديري المشتريات المركب إلى أعلى مستوياته في 12 شهراً في أغسطس (53.5 نقطة)، مدفوعاً بالتحسن الملحوظ الذي سجله قطاع الخدمات، فيما بلغ مقياس التوقعات أعلى مستوى منذ أكتوبر 2024. وفي المقابل، ارتفع تضخم أسعار المستهلكين إلى 3.8% على أساس سنوي في يوليو، مسجلاً أعلى مستوياته في 18 شهراً، مع توقعات بنك إنجلترا بأن يبلغ الذروة عند 4% في سبتمبر قبل أن يتراجع تدريجياً ليصل إلى 2% في الربع الثاني من عام 2027. وبالنظر إلى مسار التضخم والتصويت المتقارب في لجنة السياسة النقدية (5 مقابل 4) لصالح خفض سعر الفائدة الأساسي بمقدار 25 نقطة أساس في أغسطس (ليرتفع بذلك إجمالي التيسير النقدي منذ أغسطس 2024 إلى 125 نقطة أساس) تشير تسعيرات العقود الآجلة حالياً لاستقرار السياسة النقدية دون مواصلة خفض أسعار الفائدة خلال ما تبقى من العام.

 

 الجدول 3: التبادل التجاري بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة
(مليار دولار)
المصدر: مكتب الإحصاء الأمريكي
 
 الرسم البياني 4: نمو الوظائف في المملكة المتحدة*
(ألاف، على أساس شهري)
المصدر: ONS، * استنادًا على سجلات ضريبة العمل

 

اليابان: الاضطرابات السياسية تعمّق هشاشة أوضاع المالية العامة مع ارتفاع عائدات السندات طويلة الأجل لأعلى مستوياتها منذ عقود

تجاوز أداء الاقتصاد الياباني التوقعات في النصف الأول من العام الحالي، إذ بلغ معدل النمو في الربع الثاني 0.5% على أساس ربع سنوي، مدفوعاً بانتعاش الصادرات (+2.0%) بعد الانكماش الذي شهده الربع السابق. كما ارتفع الاستهلاك الخاص، الذي يشكل أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي، بنسبة 0.4% بعد أن كان مستقراً في الربع السابق، مما يعكس تعافي الطلب المحلي بوتيرة معتدلة. وساهمت الاتفاقية التجارية الأخيرة مع الولايات المتحدة، التي فرضت رسوماً جمركية بنسبة 15% على معظم الواردات اليابانية، في تقليص حالة عدم اليقين، إلا أنها أبقت الضغوط قائمة على الطلب الخارجي، مع بقاء مؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي في منطقة الانكماش على مدار شهري يوليو وأغسطس. وفي موازاة ذلك، تراجع تضخم أسعار المستهلكين إلى 3.1%، على أساس سنوي، في يوليو بينما استقر معدل التضخم الأساسي (باستثناء المواد الغذائية الطازجة والطاقة) عند مستوى مرتفع بلغ 3.4%، مما يعكس استمرار الضغوط السعرية في الفئات غير المدعومة.

وعلى الصعيد السياسي، زادت خسارة تحالف الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم في انتخابات يوليو، بالتزامن مع مكاسب حزب سانسيتو المعارض الذي ركز حملته على التخفيضات الضريبية، من قلق الأسواق حيال استدامة أوضاع المالية العامة، وهو ما انعكس في ارتفاع عائدات السندات اليابانية طويلة الأجل. كما أن قرار رئيس الوزراء بالتنحي مؤخراً ضاعف الضغوط على سوق السندات، في ظل توقع اتجاه السياسات المالية نحو التوسع مستقبلاً. وفي ظل هذا المزيج من عدم اليقين السياسي والتجاري والمالي، أبقى بنك اليابان سعر الفائدة عند 0.5% للاجتماع الرابع على التوالي في يوليو، لكنه رفع توقعه للتضخم الأساسي (باستثناء المواد الغذائية الطازجة) إلى 2.7% (من 2.2% سابقاً) للسنة المالية 2025 (والتي تنتهي في مارس 2026) وإلى 1.8% (من 1.7%) للسنة المالية 2026. ورغم هذه التعديلات، فمن المتوقع أن يبقي بنك اليابان أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه المرتقب في 19 سبتمبر، بينما تشير سوق العقود الآجلة إلى احتمال رفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في الربع الأول من العام 2026 أو قبل ذلك.

الصين: نمو الناتج يتجه نحو المستوى المستهدف من قبل الحكومة هذا العام مع ترجيح استمرار تهدئة التوترات التجارية مع الولايات المتحدة

استمر الاقتصاد الصيني في مفاجأة الأسواق متجاوزاً التوقعات، إذ سجل نمواً بنسبة 5.2%، على أساس سنوي، في الربع الثاني، ليبقى على المسار الصحيح نحو تحقيق المستوى المستهدف للنمو الذي حددته الحكومة بنحو 5% في عام 2025. ورغم تراجع الصادرات إلى الولايات المتحدة بنسبة 25% منذ أبريل، فقد تم تعويض ذلك بارتفاع ملحوظ في الصادرات إلى أسواق أخرى، ليرتفع إجمالي الصادرات بنسبة 6% على أساس سنوي خلال الثمانية أشهر الأولى من عام 2025، والذي يعد أداءً قوياً في ظل التحديات التي تواجه التجارة العالمية. وفي حين أن تمديد الهدنة التجارية مع الولايات المتحدة لمدة 90 يوماً إضافية يعتبر اتفاقية مؤقتة، إلا أن السيناريو الأكثر ترجيحاً يتمثل في استمرار نهج خفض التصعيد بين الجانبين. وعلى الصعيد المحلي، ما يزال الاقتصاد يعاني من ضعف الطلب الداخلي، إذ تراجعت الواردات بنحو 2% على أساس سنوي خلال الثمانية أشهر الأولى من عام 2025، فيما بقي مؤشر أسعار المستهلكين في دائرة الانكماش (-0.4% على أساس سنوي في أغسطس). وعلى الصعيد الإيجابي، استمر ارتفاع التضخم الأساسي، والذي وصل إلى 0.9% على أساس سنوي في أغسطس (الأعلى منذ مطلع 2024). ورغم انكماش مؤشر أسعار المنتجين للشهر السادس والثلاثين على التوالي، إلا أن وتيرة الانكماش تباطأت لأدنى مستوى في أربعة أشهر عند 2.9% على أساس سنوي (0% على أساس شهري) في أغسطس، في مؤشر أولي على أن الجهود الحكومية الرامية لمعالجة فائض الطاقة الإنتاجية والحد من تخفيضات الأسعار قد بدأت تؤتي ثمارها. وما يزال قطاع العقارات يمثل عبئاً على النشاط الاقتصادي، وذلك رغم ظهور إشارات استقرار أولية، إذ تباطأ تراجع أسعار المنازل الجديدة إلى 2.8% في يوليو للشهر التاسع على التوالي، مسجلاً أدنى معدل انخفاض منذ مارس 2024. أما على صعيد السياسة النقدية، فأكد بنك الشعب الصيني عدم وجود حاجة ملحة لمواصلة خفض أسعار الفائدة، مشيراً إلى مرونة الاقتصاد والاتجاه الصعودي للتضخم الأساسي، مع التمسك بسياسة "التيسير المعتدل" التي تم تبنيها منذ أواخر عام 2024.

 

 الجدول 5: العائد على سندات الحكومة اليابانية
(%)
المصدر: Haver 
 
 الرسم البياني 6: نمو صادرات وواردات الصين
(% على أساس سنوي)
المصدر: Haver، 2025 منذ بداية العام وحتى أغسطس

 

حمّل التقرير >