Contact us
Open notifications

إشعارات

  • لا يوجد إشعارات جديدة

     

]

موجز أسواق النفط

موجز أسواق النفط

02.06.2025

أدى تصاعد المخاوف بشأن متانة الاقتصاد العالمي في ظل تنامي النزعة الحمائية التجارية، بالتزامن مع تسريع إنهاء تخفيض الإمدادات من قبل الأوبك وحلفائها، إلى هبوط أسعار مزيج خام برنت لأدنى مستوياتها في أربعة أعوام، مسجلة نحو 60 دولاراً للبرميل في مطلع مايو، لتسجل بعد ذلك ارتفاعاً طفيفاً من القاع الذي بلغته. ونتيجة لتراجع التوقعات الاقتصادية، خفّضت وكالة الطاقة الدولية تقديرات نمو الطلب على النفط لعام 2025 إلى أدنى مستوى لها منذ سنوات، عند 740 ألف برميل يومياً، مما يرفع من مخاطر تراكم فائض المعروض على المدى المتوسط، في ظل استمرار زيادة الإمدادات من الأوبك وحلفائها إلى جانب ارتفاع التدفقات من خارج المجموعة. ويعد هذا التحدي من أبرز المخاطر الجوهرية التي تضغط على أسعار النفط الخام، كما يتضح من ضعف أداء العقود الآجلة وسلسلة المراجعات الهبوطية التي أصدرتها الوكالات المتخصصة. وعلى الجانب الآخر، تبقى بعض المحفّزات الصعودية قائمة، وفي مقدمتها احتمالات تعطل الإمدادات نتيجة تشديد العقوبات الأمريكية على دولتي إيران وفنزويلا، أو إحراز تقدم يفضي إلى انخفاض توترات الحرب التجارية العالمية.

الأسواق

الرسوم الجمركية وتصاعد مخاطر تخمة الإمدادات تدفع بأسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في أربع سنوات منذ أبريل

خلال الربع الأول من عام 2025، بقيت أسعار النفط مستقرة لحد كبير، إلا أنها شهدت انخفاضاً حاداً في الربع الثاني، بعد موجة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فيما عُرف باسم "يوم التحرير" على شركاء الولايات المتحدة التجاريين، إضافة إلى قرار الأوبك وحلفائها بتسريع وتيرة التراجع عن خطة خفض الإمدادات. وخلال شهر أبريل، انخفض سعر مزيج خام برنت إلى أدنى مستوياته المسجلة في أربع سنوات، فاقداً ما نسبته 15% من قيمته بنهاية الشهر، في أكبر تراجع شهري يسجله منذ نوفمبر 2021، قبل أن يعمّق خسائره ليصل إلى 60.2 دولار في مطلع شهر مايو. ومنذ ذلك الحين، واجه سعر خام برنت صعوبة في تجاوز نطاق منتصف الستينيات، على الرغم من أن قرار الرئيس ترامب بتأجيل الرسوم الجمركية على السلع الصينية لمدة 90 يوماً ساهم في رفع الأسعار بشكل طفيف.

 

 الرسم البياني 1: أسعار النفط الخام
(دولار/ برميل)
المصدر: Haver، مؤسسة البترول الكويتية
 
 الرسم البياني 2: منحنى عقود برنت الآجلة (12 شهر)
(دولار/برميل)
المصدر: Haver، ICE

 

وتتداول أسعار النفط حالياً حول مستوى 64 دولاراً للبرميل، وسط حالة من المعنويات السلبية الناتجة عن الارتفاع غير المتوقع في مخزونات النفط في الولايات المتحدة، واستمرار الأوبك وحلفائها في زيادة إمداداتها للشهر الثالث على التوالي، من جهة، والمؤشرات الإيجابية المتعلقة بتراجع عدد منصات النفط الأمريكية والتشاؤم المحيط بإمكانية التوصل لاتفاق نووي جديد يرضي الطرفين الأمريكي والإيراني من جهة أخرى. وكانت إستراتيجية "الضغط القصوى" التي انتهجها الرئيس ترامب مع إيران، والتهديد بفرض عقوبات أشد على صادرات الطاقة الإيرانية، من المحركات التي ساهمت في دعم أسعار النفط وقلصت من وطأة المعنويات السلبية التي سادت السوق في عام 2025. وبرز هذا الاتجاه اللافت في اتخاذ منحنى العقود الآجلة لخام برنت لنمط غير معتاد، إذ اتسمت أسعار العقود الفورية في مقدمته بحالة ميل إلى التراجع " backwardation" (يشير لارتفاع أسعار التسليم الفوري مقارنة بالتسليم المستقبلي)، بينما انتقلت العقود الآجلة للأشهر اللاحقة إلى هيكل كونتاجو " contango " والذي يعكس ارتفاع أسعار التسليم المستقبلي مقارنة بالأسعار الفورية. ويشير هذا التباين اللافت في هيكل المنحنى إلى قراءة مزدوجة لحالة السوق، إذ يعكس حالة من التوازن النسبي في الطلب على المدى القصير مقابل مخاوف من وفرة في الإمدادات في الأجل المتوسط (الرسم البياني 2).  ويُظهر هذا النمط المعروف بـاسم هيكل "الابتسامة" سلوكاً غير معتاد لمنحنى أسعار خام برنت، ويبدو أنه يشير إلى قناعة الأسواق بأن الطلب على النفط خلال فصل الصيف سيكون كافياً لدعم الأسعار على المدى القصير، لكنه لن يكون بالقدر الكافي لتفادي تراكم الفوائض والمخزونات لاحقاً. ويُعزى ذلك إلى مزيج مؤثر من العوامل التي تشمل تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي المرتبط بالرسوم الجمركية، وتسارع وتيرة الإمدادات من جانب الأوبك وحلفائها.

وفي المقابل، اتخذت مراكز المضاربة التي تراهن على ارتفاع الاسعار، والتي كانت قد تراكمت خلال الربع الأول، اتجاهاً معاكساً في الربع اللاحق، مدفوعة بتصاعد المخاطر وعدم اليقين الذي أعقب موجة الرسوم الجمركية في أبريل وتسارع الجدول الزمني للأوبك وحلفائها للتراجع عن خطة خفض الإمدادات. وقد تراجع صافي مراكز المضاربة - وهو الفارق بين عدد مراكز الشراء (positions long) التي تراهن على ارتفاع الأسعار ومراكز البيع (short positions) التي تراهن على انخفاضها - بمقدار 155,838 عقداً في الأسبوع المنتهي في 4 أبريل، مسجلاً بذلك أكبر تراجع أسبوعي منذ بدء تسجيل تلك البيانات (الرسم البياني 3). ورغم هذا التراجع، شهد صافي مراكز الشراء تعافياً هامشياً في الآونة الأخيرة، في ظل رهان بعض صناديق التحوط على احتمالات صعود الأسعار نتيجة لتعثر المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران.

 

 الرسم البياني 3: المراكز الصافية لمديري الأموال
(العقود المستقبلية والخيارات بالألف)
المصدر: LSEG, ICE
 
 الرسم البياني 4: توقعات نمو الطلب العالمي على النفط
(مليون برميل يومياً)
المصدر: IEA, OPEC, EIA

 

الطلب: أبطأ وتيرة نمو منذ الجائحة نتيجة للاضطرابات التجارية الناجمة عن رفع الرسوم الجمركية 

أدى تصاعد النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين إلى تعديل حاد في توقعات نمو الطلب على النفط في الأجل القريب، إذ قامت وكالة الطاقة الدولية، مسترشدة بتوقعات صندوق النقد الدولي الذي خفّض توقعات نمو الاقتصاد العالمي لعام 2025 (وما بعده)، بخفض تقديراتها لعام 2025 إلى 740 ألف برميل يومياً، و760 ألف برميل يومياً لعام 2026، في أدنى وتيرة نمو منذ عام 2020 الذي تأثر بشدة بتداعيات جائحة كورونا (الرسم البياني 4). ورغم هذا الخفض، أبقت الوكالة على تقديراتها لإجمالي الطلب العالمي عند مستوى 105 ملايين برميل يومياً في عام 2025، مما يعكس نظرة مستقرة نسبياً لمستوى الاستهلاك العام، وإن كانت محفوفة بمخاطر تباطؤ النمو. وفي المقابل، خفّضت الأوبك توقعاتها لنمو الطلب بوتيرة أقل، بلغت 150 ألف برميل يومياً، ليستقر عند 1.3 مليون برميل يومياً لكل من عامي 2025 و2026. وتستند المنظمة في رؤيتها لعوامل داعمة، أبرزها نمو إنتاج البتروكيماويات، وتزايد النقل البري والجوي، إلى جانب تحسن النشاط الصناعي. وتتسق هذه التقديرات مع توجه الأوبك وحلفائها نحو تسريع وتيرة التراجع عن التخفيضات الطوعية.

العرض: منظمة الأوبك وحلفاؤها تسرّع وتيرة خفض الإنتاج خلال مايو ويونيو ويوليو، وإمكانية وصول الإنتاج الأمريكي لمستوى الذروة 

أعلنت مجموعة الأوبك وحلفاؤها عن تسريع وتيرة تراجعها عن التخفيضات الطوعية للإنتاج بمقدار 2.2 مليون برميل يومياً من قبل مجموعة الثمانية ضمن أوبك والتي تضم ثماني أعضاء (السعودية وروسيا والعراق والإمارات والكويت وكازاخستان والجزائر وعمان) من 131 ألف برميل يومياً في أبريل إلى 411 ألف برميل يومياً في مايو وكل من يونيو ويوليو، رغم تصاعد الضغوط على جانب الطلب. وجاء هذا القرار في إطار مساعي الأوبك لفرض مزيد من الانضباط الداخلي، في ضوء تكرار تجاوز بعض الأعضاء لحصصهم المقررة، وعلى رأسهم العراق وكازاخستان. وتسعى المجموعة من خلال هذا التحرك لإحداث ضغط مالي ناجم عن تراجع الأسعار، يدفع الدول غير الممتثلة إلى تصحيح مساراتها وتنفيذ خفض تعويضي، بعد سلسلة من التجاوزات التي أضعفت الالتزام الجماعي ضمن التحالف.

وتضمن الاتفاق الأخير للأوبك وحلفائها بنداً رئيسياً يقضي بقيام الدول غير الممتثلة لحصص الإنتاج المقررة بتعويض تجاوزاتها السابقة عبر خفض تدريجي للإمدادات، وفق جدول زمني مشترك ومتفق عليه، في محاولة لإعادة التوازن إلى السوق وتعويض الكميات الزائدة التي كان من المقرر ضخها خلال الأشهر المقبلة. ووفقاً لمصادر الأوبك الثانوية، فإن متوسط حجم التخفيضات التعويضية المطلوب من الأعضاء الثمانية بلغ نحو 305 آلاف برميل يومياً خلال الفترة من يناير 2024 وحتى مارس 2025، وهو ما كان كفيلاً، نظرياً، بتغطية الزيادة المقررة سابقاً البالغة 131 ألف برميل يومياً، إلا أن التطبيق الفعلي أظهر تبايناً واضحاً، إذ سجلت الزيادة الصافية في إمدادات الدول الأعضاء خلال أبريل، وهو أول شهر في الجدول الزمني للتراجع عن خفض حصص الإنتاج تدريجياً، نحو 23 ألف برميل يومياً فقط - أي دون مستوى 131 ألف برميل يومياً المستهدف بكثير. ومن بين الدول الثماني، رفعت أربعة فقط إنتاجها، هي السعودية، والإمارات، وعمان وروسيا. في المقابل، استمر العراق وكازاخستان في تجاوز حصصهما بشكل كبير، دون تنفيذ فعلي للتخفيضات التعويضية التي تعهدتا بها، وذلك رغم خفضهما للإنتاج في شهر أبريل. وانعكس هذا الأداء المتباين على إجمالي إنتاج دول ميثاق التعاون المشترك (باستثناء إيران، وليبيا، وفنزويلا، والمكسيك المعفاة من نظام الحصص)، الذي تراجع بشكل طفيف في أبريل إلى 30.0 مليون برميل يومياً (-17 ألف برميل يومياً) (الرسم البياني 5).

 

  الرسم البياني 5: جدول إنتاج أعضاء ميثاق التعاون المشترك*
(مليون برميل يومياً)
المصدر: OPEC، الكوتا للأعضاء باستثناء التخفيضات التعويضية 
 
 الرسم البياني 6: إنتاج أمريكا من النفط وعدد منصات الحفر
(مليار برميل)
المصدر: إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، Baker Hughes

 

 وواصل إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة تحليقه بالقرب من مستويات قياسية، مسجلاً نحو 13.4 مليون برميل يومياً بحلول منتصف مايو، وفقاً لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (الرسم البياني 6). مع ذلك، وفي ظل تراجع أسعار النفط وتزايد الضبابية حيال آفاق الاقتصاد العالمي، خفّضت الإدارة بشكل ملحوظ توقعاتها لنمو الإنتاج خلال عام 2025 إلى 208 آلاف برميل يومياً فقط - أي ما يقارب نصف تقديراتها السابقة - في أبطأ وتيرة نمو منذ عام 2021. ومن المرجح أن يتباطأ النمو أكثر في عام 2026 ليبلغ 82 ألف برميل يومياً فقط، مع تراجع نشاط الحفر من قبل المنتجين نتيجة ضغوط الأسعار. ووفقاً لمسح الطاقة الصادر عن مجلس الاحتياطي الفيدرالي في دالاس، يبلغ متوسط سعر التعادل لحفر بئر جديدة في مناطق النفط الصخري الأمريكية نحو 65 دولاراً للبرميل، أي أعلى من السعر الحالي لخام غرب تكساس الوسيط بعدة دولارات.

كما تواجه شركات النفط الصخري الأمريكية ضغوطاً متزايدة ناجمة عن ارتفاع نسب الغاز إلى النفط والماء إلى النفط في آبار الإنتاج، ما يُثقل كاهل البنية التحتية ويرفع التكاليف التشغيلية. ووفقاً لتقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، من المتوقع أن يبلغ إنتاج الخام ذروته عند 14 مليون برميل يومياً بحلول عام 2027، مع تسجيل النفط الصخري نحو 10 ملايين برميل يومياً قبل أن يبدأ في الانخفاض التدريجي حتى عام 2050. من جهة أخرى، لا يقتصر تأثير انخفاض الأسعار على قطاع النفط الصخري فقط، بل يمتد ليشمل أيضاً الإنتاج الأوسع نطاقاً من خارج دول ميثاق التعاون المشترك، الأمر الذي دفع إلى خفض التوقعات المستقبلية. وعلى الرغم من هذه الضغوط، إلا أن نمو المعروض العالمي ما زال يتجاوز نمو الطلب، إذ تتوقع وكالة الطاقة الدولية نمواً قدره 1.3 مليون برميل يومياً في عام 2025، مدفوعاً بارتفاع الإنتاج من البرازيل وغيانا وكندا، إلى جانب الولايات المتحدة. ومع ذلك، يبدو أن هذا الوضع قد يتغير في عام 2026، إذ ترى الوكالة أن نمو الإمدادات من خارج دول ميثاق التعاون المشترك سيتباطأ إلى 820 ألف برميل يومياً.

توازن السوق وتوقعات الأسعار

ميل المخاطر نحو التراجع وسط غياب محفّزات واضحة

تُلقي تحديات الاقتصاد الكلي العالمي بما في ذلك تصاعد التوترات التجارية وعودة السياسات الحمائية، بظلالها على توقعات الطلب على النفط، في وقت يتزايد فيه المعروض من المنتجين ضمن مجموعة الأوبك وحلفائها وخارجها. وقد انعكس هذا التباين بين العرض والطلب سلباً على معنويات السوق، مما دفع الأسعار بالتالي نحو التراجع. ويشير تحليل أسس السوق إلى اتجاهها نحو التحول من عجز طفيف في الإمدادات خلال العام الماضي إلى فائض ملموس في عام 2025. ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية، فإن متوسط الكمية المطلوب من الأوبك وحلفائها إنتاجها لتحقيق توازن السوق يبلغ نحو 41.2 مليون برميل يومياً، علماً بأن المجموعة كانت تضخ فعلياً ما يزيد على هذا المستوى (+800 ألف برميل يومياً) في الربع الأول من عام 2025، قبل الشروع في تطبيق زيادة إضافية للإنتاج اعتباراً من أبريل. وقد بدأت مخزونات النفط التجارية لدى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بالفعل، في الارتفاع منذ مارس (الرسم البياني 7)، في انعكاس مباشر لزيادة الإمدادات، ومع مواصلة تحالف الدول الثمانية ضمن الأوبك تسريع وتيرة زيادة الإمدادات، فمن المتوقع أن يُستنزف هذا المخزون المؤقت سريعاً. وفي ظل هذا السيناريو، من المرجح أن يتم التخلص من مجمل التخفيضات الخاصة بعامي 2023-2024 البالغة 2.2 مليون برميل يومياً بحلول أكتوبر 2025 (بدلاً من التاريخ المقرر سابقاً حتى نهاية 2026)، ما يضع السوق في منطقة فائض دائم بمتوسط قدره 1.4 مليون برميل يومياً، وفقاً لحساباتنا (الرسم البياني 8). وفي ضوء هذه المؤشرات، تتزايد الضغوط على توقعاتنا للأسعار، والتي تبلغ حالياً 70 دولاراً للبرميل (لعامي 2025 و2026)، إذ باتت المخاطر المحيطة بها تميل بشكل متزايد للاتجاه الهبوطي، باستثناء وقوع تطورات جيوسياسية كبرى تؤثر على جانب العرض، مثل تشديد العقوبات على إيران، أو تحسن مفاجئ في الطلب العالمي نتيجة لتخفيف الرسوم الجمركية.

 

 الرسم البياني 7: المخزونات التجارية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية
 
المصدر: Haver, OPEC
 
 الرسم البياني 8: التغير الضمني في المخزونات العالمية
(مليون برميل يومياً)
المصدر: IEA، توقعات بنك الكويت الوطني

 

حمّل التقرير >